top of page

لماذا كان والدي يريد إخراجنا من سوريا؟


في عام 2017 ولد ابن أخي في سوريا. كنت مقيما حينها في ولاية مرسين التركية. كان ابن أخي في البداية يعاني من ضيق في التنفس قليلا. ولكن مرضه اشتد عليه فيما بعد ولهذا تم نقله وعائلتُه من مدينة الباب إلى تركيا. وبمجيئه قررت الذهاب من مرسين الى مشفى الأطفال في غازي عنتاب لأساعدهم وألبي احتياجاتهم.

مكثت في غازي عنتاب لمدة أسبوع تقريبًا. خلال ذلك الأسبوع ، كنت أترجم مجانا للأشخاص اللذين لا يجيدون تكلم اللغة التركية في المشفى. أصبحت معروفا هناك .وعند وجود مريض لايجيد اللغة التركية، يكون هناك شاب مسؤول يعطي رقمي للمريض ويقول له اتصل بهذا الشاب وهو سيترجم لك. كان هؤلاء الناس يأتون من سوريا لأجل العلاج.

ولهذا السبب كانوا لا يجيدون التكلم باللغة التركية.

ذات مرة جاء رجل مع زوجته. كان ابنهم في العناية المشددة. كانوا يأتون كل يوم للاطمئنان على ولدهم. وكان الولد يبلغ من العمر سنة واحدة. بعد فترة جاء الوالدان إلى الطبيب ليسألوه عن وضع ابنهم ، فقال لهم الطبيب ، "استدعو المترجم ليأتي إلى هنا" أتيت مسرعا لأكون مترجما لهم. فقال لي الطبيب ، "مات هذا الطفل في الليلة الماضية عليك إخبار عائلته. لم نتمكن نحن الأطباء أن نشرح لهم باللغة التركية. قلت له أنا "لا أستطيع". قال الطبيب ، "ليس لدينا خيار آخر عليك أن تقول لهم".

في هذه اللحظات أصابني اختناق شديد. شعرت وكأنني أنا الذي مت. بطريقة ما ناديت والده. وابتعدت عن والدته مسافة متر أو مترين وبدأت الحديث مع والده وقلت له: "أنا آسف لأنني أخبرك بذلك. لكن لا بد لي من إخبارك. إنا لله وإنا إليه راجعون لقد مات ابنك الليلة الماضية .


قال الرجل: "حسبي الله ونعم الوكيل" وكفته هذه الجملة. في هذه اللحظات التفت الرجل الى الخلف ونظر الى زوجته .وعندما ضربت عينُها بعينه بدأت الأم تبكي فقد عرفت من طريقة نظر زوجها لها أن ابنها قد فارق الحياة.

وفي تلك اللحظة ، فهمت السبب الذي دفع والدي لإخراجنا من سوريا. فهمت لماذا لم يتركنا في سوريا، ولماذا نقلنا إلى تركيا في ظل تلك الظروف الصعبة. أن تفقد طفلا أمر صعب للغاية. لم أكن أدرك أن فقدان الطفل يكون ثقيلا إلى هذا الحد…


- أسامة سوري الجنسية يبلغ من العمر 23 عاما. هو ناشط إعلامي.

bottom of page